موضوع 1

رسالة.

موضوع 2

رسالة.

موضوع 3

رسالة.

موضوع 4

رسالة.

موضوع 5

رسالة.

السبت، 16 أغسطس 2014

الأسباب المخففة في العقوبة وشروط منحها


أسباب تخفيف العقاب عرفها الفقهاء في ظروف وحالات خاصة حيث يجب فيها على القاضي – أو يجوز له - أن يحكم من اجل جريمة بعقوبة أخف من نوعها من المقرر لها في القانون أو أدنى في مقدارها من الحد الأدنى الذي يضعه القانون. وقد نصت المادة 243 من قانون العقوبات على ما يلي: ـ إذا وجدت في قضية أسباب مخففة قضت المحكمة: بدلاً من الإعدام بالأشغال الشاقة المؤبدة، أو بالأشغال الشاقة المؤقتة، من اثنتي عشرة سنة إلى عشرين سنة. وبدلاً من الأشغال الشاقة المؤبدة بالأشغال الشاقة المؤقتة لا أقل من عشر سنين. وبدلاً من الاعتقال المؤبد بالاعتقال المؤقت لا أقل من عشر سنين. ولها أن تخفض إلى النصف كل عقوبة جنائية أخرى. ولها أيضاً فيما خلا حالة التكرار أن تبدل بقرار معلل الحبس سنة على الأقل من أية عقوبة لا يجاوز حدها الأدنى الثلاث سنوات. 2- وكلما أبدلت العقوبة الجنائية بالحبس أمكن الحكم على المجرم بالمنع من الحقوق المدنية ومنع الإقامة والإخراج من البلاد وفاقاً لأحكام المواد 65-و82 و88. كما أن القرار المانح للأسباب المخففة التقديرية في حالة التكرار يجب أن يكون معللاً تعليلاً خاصاً سواء في الجنايات أو في الجنح أو في المخالفات وإن الأسباب المخففة التقديرية تشمل العقوبة والغرامة معاً إذا كان الجرم معاقب بهما معاً. وحالة التكرار التي يذكرها المشرع جاءت عليها أحكام المواد 248 – 249 – 250 – 251 من قانون العقوبات وحددت شروط قيام هذا التكرار وتطبيقها على المتهم وتقوم أسباب التخفيف كافة على علة عامة واحدة هي أن تقدير الشارع للعقوبات التي يقررها قد يكون أشد مما ينبغي لذلك وضع القواعد التي تكفل تحقيق هذه الملاءمة لتمكين القاضي من النزول بها دون الحد الأدنى وعلة أسباب التخفيف هي تحقيق الملائمة بين العقوبة وظروف حالات خاصة فهي بذلك تمكن القاضي من استعمال أصوب لسلطته التقديرية وتحمل حالات التخفيف طابعاً من الخصوصية وأسباب التخفيف تقسم إلى نوعين: 1- أسباب تخفيف وجوبيه ويطلق عليها تعبير الأعذار. 2- أسباب تخفيف جوازيه ويطلق عليها تعبير الأسباب المخففة التقديرية. والفرق بينهما هو أن التخفيف عند توافر العذر إلزامي للقاضي في حين أنه جوازي عند توافر السبب التقديري المخفف ومنح الأسباب المخففة التقديرية يستخلص من ظروف الحادث وظروف القضية وكذلك الجاني وما أحاط به كما أن عدم إسقاط الحق الشخصي لا يمنع من منح السبب المخفف فإذا طلب المتهم منحه الأسباب المخففة والشفقة والرحمة وأظهر ندامته وجب على المحكمة الرد على هذا الطلب بالسلب أو بالإيجاب وذلك تحت طائلة نقض الحكم وإن المادة 243 من قانون العقوبات تجيز للمحكمة في حالة الأسباب المخففة أن تنزل بالعقوبة إلى الحبس سنة واحدة على الأقل. أما أحكام المادة 242 المتعلقة بالعذر المخفف فيشترط لتطبيقها أن يكون الفاعل قد أقدم على الفعل بصورة غضب شديد ناجم عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه والتخفيف التقديري للعقوبة منه ما ينشأ عن أمور شخصية تتعلق بنفسية الفاعل ووعيه ومنه ما له علاقة بمقدمات الجرم ودوافعه وملابساته الناتجة عن فعل الفاعل أو فعل غيره كالمعتدى عليه نفسه. إن حالة العذر المخفف والاستفادة منه تشترط وقوعها في ظروف متقاربة وفي حالة المفاجأة أما إذا امتد الزمن وتباعدت الحوادث فلا يبقى أي وجود للعذر. ولا يجوز أن يكون السبب المخفف التقديري مستنداً للتخفيف مرتين كما لا يجوز النزول في العقوبة الجنائية إلى أقل من نصفها.

الإثبات في المسائل الجزائية


الإثبات بوجه عام ((الإثبات هو كل ما يؤدي إلى ظهور الحقيقة - وفي الدعاوى الجزائية هو كل ما يؤدي إلى ثبوت إجرام المتهم)). عبء الإثبات في الدعاوى الجزائية - يقع عبء الإثبات في الدعاوى الجزائية على عاتق الاتهام ويجب أن يتناول وقوع الجريمة وتدخل المتهم في ارتكابها وعلى النيابة أن تثبت توفر جميع العناصر المكونة للجريمة سواء أكانت مادية أم معنوية. - إذا اقتصر المتهم على إنكار الجريمة فلا يطالب بإقامة أي دليل على إنكاره إذ أن من حقه رفض الدفاع عن نفسه. لكن إذا ادعى سببا من أسباب الإباحة أو أسباب عدم المسئولية أو عذراً من الأعذار القانونية فهل يكلف بإثباته كالمدين المدعى عليه في دعوى مدنية إذا ادعى براءة ذمته من الدين. الأمر مختلف بين الشراح: برى جارو ألا يكلف المتهم مبدئيا بإثبات أوجه الدفع التي يقدمها للأسباب التالية: (الموسوعة الجنائية جندي عبد المالك ص 104 الجزء الأول) أولاً: لأن النيابة ملزمة بإثبات الشروط اللازمة لوجود الجريمة ومسئولية فاعلها وبالتالي عدم وجود شيء من أسباب الإباحة أو أسباب عدم المسئولية أو الأعذار القانونية أو غير ذلك. ثانياً: لأن الصفة الاجتماعية للدعوى تلزم القاضي بأن يأخذ من تلقاء نفسه بأوجه الدفع التي يراها في مصلحة المتهم ولو لم يتمسك بها. ثالثاً: لأن نظام الإثبات في المواد الجنائية يقضي بان يكون اقتناع القاضي أساس لحكمه. رابعاً: لأن الشك يجب أن يؤول لمصلحة المتهم. وتطبيقاً لهذه القاعدة يجب على النيابة أن تثبت توفر القصد الجنائي لدى المتهم في الأحوال التي يشترط فيها توفر هذا القصد. - إلا أنه في بعض الأحوال يفترض توفر القصد الجرمي ويكون المتهم هو الملزم بنفيه ففي جريمة الذم والقدح المنصوص عليها في المواد من 568 إلى 570 قانون عقوبات يفترض وجود سوء النية لدى الفاعل إلا إذا أقام الدليل على سلامتها. - وتطبيقا للقاعدة ذاتها في مسألة سقوط الدعوى العامة بالتقادم يجب على النيابة أن تثبت أن الدعوى لم تسقط وأنها أقيمت في الميعاد القانوني. النتيجة المترتبة على عدم كفاية الإثبات: يترتب على عدم تقديم الإثبات الكافي في أية دعوى كانت من جانب المكلف به إخراج المدعى عليه من الدعوى " وهذه القاعدة يجب إتباعها في المواد الجزائية بنوع خاص" فطالما أنه لم يقدم الدليل القاطع على إدانة المتهم لا يجوز الحكم عليه بعقوبة ما بل يجب الحكم ببراءته مادة 175 قانون أصول المحاكمات الجزائية ولا محل إلزامه بشيء من المصاريف، ومتى حكم ببراءة المتهم لا تجوز إقامة الدعوى عليه ثانية من أجل الجرم نفسه وهذا يطبق على ما يصدر من قرارات من جهات الحكم أما الأمر الذي يصدر من النيابة بحفظ الأوراق فلا يمنع من العود إلى إقامة الدعوى العامة إذا ألغى النائب العام هذا الأمر أو إذا ظهرت قبل انقضاء المواعيد المقررة لسقوط الحق في إقامة الدعوى أدلة جديدة. النتائج التي تنجم عن قاعدة " الشك يجب أن يفسر لصالح المتهم" - إذا حكم ببراءة المتهم المحبوس حبسا احتياطيا يجب في الحال الإفراج عنه ولو استأنفت النيابة الحكم الصادر ببراءته مادة 312 قانون أصول محاكمات جزائية. - إن طرق الطعن في الأحكام تفيد المتهم ولا تسيئه ما لم تطعن النيابة فيها. - إن إعادة النظر لا تجوز إلا في الأحكام الصادرة بالعقوبة دون الأحكام الصادرة بالبراءة مادة 367 قانون أصول المحاكمات الجزائية. الوقائع التي يجب أن يتناولها الإثبات - يشترط أن تكون الوقائع المراد إثباتها بالدعوى منتجه في الإثبات يراعى في تطبيق هذا الشرط في المواد الجزائية الآتي: أولاً: إن جميع الوقائع التي يمكن أن تؤثر عن قرب أو بعد على وجود الجريمة ومسئولية مرتكبها تعتبر متعلقة بالدعوى وبالتالي جائزة الإثبات. ثانياً: أن جميع طرق الإثبات تقبل في إثبات هذه الوقائع. طرق الإثبات - طريقة الأدلة القانونية: - طريقة الأدلة الاقناعية: الطريقة الأولى: تقييد حرية القاضي في تكوين اقتناعه إذ تحتم عليه الأخذ بأدلة معينة إذا توافرت يبنى عليها حتما ثبوت الواقعة وإذا لم تتوافر تعتبر الواقعة غير ثابتة. الطريقة الثانية: تطلق الحرية للقاضي في تكوين اقتناعه وتسمح له بإثبات الواقعة بجميع الطرق المؤدية لذلك. مبدأ حرية الاقتناع في المواد الجزائية فالأصل إتباع طريقة الأدلة الاقناعية فالقاضي غير مقيد فيها بأدلة معينة قانوناً بل له أن يكون اعتقاده من جميع ظروف الدعوى ومن كافة الوقائع التي تعرض عليه أو يستخلصها من أقول المتهمين والشهود. وبما أن تقدير الأدلة يرجع فيه إلى اقتناع القاضي فهو من المسائل الموضوعية التي لا تدخل تحت رقابة محكمة النقض. ولكن هذا لا يمكنه من وجوب اشتمال الحكم على بيان الواقعة والأسباب التي بنى عليها القاضي اقتناعه المادة (310) أصول محاكمات جزائية. إن حرية الاقتناع معناها استبعاد الأدلة القانونية أي تلك الأدلة المصطنعة التي تقدر بها مقدما قيمة كل عنصر من عناصر الإثبات ولكنها لا تعني أن القاضي يحكم بشعوره ووجدانه بل يجب عليه أن يكون اقتناعه بعمل ينطوي على البحث والتفكير ويخضع فيه هو نفسه لقواعد المنطق والاستنتاج الطبيعي. اجتهاد قضائي - بينات استجواب الطرفين ـ شهادات الشهود ـ تكوين قناعة المحكمة: وان كان لمحكمة الموضوع تكوين قناعتها في الدعوى من استجواب الطرفين ومن الشهود، إلا أن هذه القناعة ليست مطلقة، وإنما هي مقيدة بضرورة استنادها إلى وقائع صحيحة وأسباب كافية مما يوجب تعليل الحكم بهذا الصدد بدليل ما ورد في الفقرة 132 من المذكرة الإيضاحية لقانون البينات التي أوجبت على المحكمة تعليل القرار الذي يصدر في تقدير قيمة الشهود تعليلا كافيا بإظهار العوامل والأسباب التي استند إليها القاضي. (قرار 1387 أ 2653 تاريخ 17/12/1985المحامون 86 ص 1128) . - إن الاستيلاء على أموال الغير باستعمال الدسائس والوسائل الاحتيالية والخدع ينطبق على أحكام المادة 641 عقوبات. حيث أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وناقشت الأدلة المساقة فيها وخاصة القرار المدعى عليه الطاعن ... الصريح والمؤول، وكونت قناعتها في صحة ارتكاب المدعى عليهما ... و... الجرم المعزو إليهما. ومن حيث أن الأفعال المرتكبة من قبل الطاعنين وهي الاستيلاء على أموال الغير باستعمال الدسائس والوسائل الاحتيالية والخداع إنما تنطبق على أحكام المادة 641 عقوبات وما استقر عليه اجتهاد هذه المحكمة. (قا 2994 الملحق الدوري الأول لعام 1981 المجموعة الجزائية). مما يجعل السبب المثار من الطاعنين بهذه الناحية حرياً بالرد. وحيث أن تقدير الأدلة والقناعة بها من اطلاقات محكمة الموضوع دون معقب سيما وأن أسبقيات الطاعنين توحي بتلك القناعة. مما يجعل القرار الطعين يغدو في منأى من أن ينال منه أسباب الطعنين ويقتضي بالتالي رفضهما. (نقض سوري ـ جنحة 987 قرار 391 تاريخ 15 / 3 / 1987) هدف القانون من بيان المحكمة للواقعة الجرمية هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة مع إثبات ما خرج عن هذه الأركان مما له شأن هام يترتب عليه نتائج قانونية كتاريخ الواقعة ومحل حدوثها ومأخذ الظروف المشددة للعقاب فأن أهمل قاضي الموضوع إثبات فعل أو مقصد أو مأخذ لظرف مشدد مما يخل بركن من الأركان التي لا تقوم الجريمة إلا على توافرها جميعاً أو مما لا يسوغ الزيادة في العقوبة التي فرضها كان من حق المحكوم عليه أن يطعن في حكمه لمخالفته القانون. أما تقدير الأدلة التي توصل بها إلى تكوين عقيدته وإثباتها في الحكم ذلك الإثبات الذي هو مراد القانون من عبارة (بيان الواقعة) فأمر هو وحده ذو الحق فيه ولا رقابة لأحد عليه لكون هذا التقدير أمر نفسي يتفاوت فيه القضاة كما يتفاوت في مثله كل الناس بل قد يختلفون لدرجة العناد ويستحيل أن يدعي أحد أن تقدير قاض في هذا الصدد هو الحق دون تقدير قاض آخر. وقاضي الموضوع حر يأخذ الحقيقة التي ينشدها من أي موطن يراه: - فقد تأبى نفسه الأخذ باعتراف متهم لما يدخله من الشك في صحته وقد يأخذ ببعض الاعتراف وينبذ بعضه. - قد يأخذ ببعض الشهادة وينبذ بعضها الأخر. - قد يأخذ بقول ما قاله الشاهد في التحقيق دون قول قاله بجلسة المرافعة أو بالعكس. وليس عليه في كل ذلك حرج لأنه طالب حقيقة ينشدها حيث يجدها ويستخلص ثمينها مما يزين عليه من غيث الأباطيل، وما كان للشارع أن يضيق عليه في ذلك بل أنه وكل الأمر فيه لضميره وجعله وحده الرقيب عليه فيه ومتى كان الآمر كذلك علم بالبداهة أن الخوض في أمر خاص بتقدير الدليل هو أمر موضوعي لا محل لعرضه على محكمة النقض. - أن تحقيق توفر أركان الجرائم من اختصاص قاضي الموضوع وحده ومتى اقتنع بهذا التوفر وبينه في حكمه مدللاً عليه بما صح عنده من وجوه الاستدلال وجب على قاضي النقض احترام رأيه إلا إذا خالف قاضي الموضوع طريقة استدلال معينة تكون مرسومة في القانون بصفة خاصة للجريمة المنظورة فيها. الاستثناءات من مبدأ حرية الاقتناع في المواد الجزائية هناك بعض الاستثناءات وهي: 1- الأدلة التي تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا حسب نص المادتين (473 و474) من قانون العقوبات هي: - فيما خلا الإقرار القضائي والجنحة المشهودة لا يقبل من أدلة الثبوت على الشريك إلا ما نشأ منها عن الرسائل والوثائق الخطية التي كتبها. - للزوجة نفسها فيجوز إثبات الزنا بجميع طرق الإثبات القانونية كذلك يجوز إثبات زنا الزوج وشريكته في منزل الزوجية بجميع الطرق القانونية. اجتهاد قضائي ـ إن إثبات الزنا على المرأة يصح بطرق الإثبات كافة وفقاً للقواعد العامة، وأما إثبات هذا الجرم ضد شريكها الذي لا يقصد به إلا الرجل وحده فيكون بإحدى الطرق التي ذكرها القانون على سبيل الحصر وهي الإقرار القضائي والجنحة المشهودة والرسائل والوثائق الخطية. (جنحة أساس 2201 قرار 2308 تاريخ 2 / 8 / 1976) 2- تعتبر بعض المحاضر والأوراق حجة بما فيها إلى أن يثبت ما ينفيها المواد من (178 إلى 180) قانون أصول المحاكمات الجزائية: - يعمل بالضبط الذي ينظمه ضباط الضابطة العدلية ومساعدو النائب العام في الجنح والمخالفات المكلفون باستثنائها حتى يثبت العكس. - ويشترط في إثبات العكس أن تكون البينة كتابية أو بواسطة شهود. لكي تكون للضبط قوة اثباتية يجب : - أن يكون قد نظم ضمن حدود اختصاص الموظف وأثناء قيامه بمهام وظيفته. - أن يكون الموظف قد شهد الواقعة بنفسه أو سمعها شخصيا. - أن يكون الضبط صحيحا في الشكل. - لا قيمة للضبوط الأخرى ألا كمعلومات عادية. - لا يجوز إثبات العقود التي تستلزمها بعض الجرائم ألا بالطرق المقررة في القانون المدني: في جريمة اليمين الكاذبة إذا كانت الواقعة التي تناولها اليمين لا تقبل الإثبات بالبينة فلا يجوز إثبات كذب اليمين إلا بالكتابة ذلك أن قواعد الإثبات لا تتعلق بنوع المحكمة المرفوعة لها الدعوى بل بطبيعة المسألة المراد إثباتها. جمع الأدلة وضع المشرع أصول خاصة لقبول وجمع الأدلة وفرق في ذلك بين أدوار الدعوى الثلاثة وهي دور جمع الاستدلالات معرفة الضابطة العدلية ودور التحقيق الابتدائي بمعرفة النيابة أو قاضي التحقيق ودور التحقيق النهائي في الجلسة. الدور الأول: لا يجري تحقيق بالمعنى القانوني بل يقتصر دور مأمور الضابطة العدلية حسب الأصل على جمع الإيضاحات وإجراء التحريات الموصلة للحقيقية مادة (49) من قانون أصول المحاكمات المدنية إلا في بعض الأحوال الاستثنائية كحالة الجرم المشهود مادة (46) من قانون أصول المحاكمات المدنية وحالة الانتداب مادة (48) من قانون أصول المحاكمات المدنية. الدور الثاني: يكون التحقيق تحريا والعلنية محدودة وحتى المواجهة محدودة كذلك. الدور الثالث: فالتحقيق في الأصل شفهي وعلني وفي المواجهة. طرق الإثبات الأدلة التي يجوز الأخذ بها في المواد الجزائية وهي: 1- الاعتراف. 2- الشهادة. 3- الكتابة أي الوراق والمحاضر. 4- الخبرة. 5- الانتقال إلى محل الواقعة. 6- القرائن. أولاً: الاعتراف: الاعتراف هو إقرار المتهم بكل أو بعض الوقائع المنسوبة إليه وبعبارة أخرى هو شهادة المرء على نفسه بما يضرها. ولما كان إقرار المتهم على نفسه أقرب إلى الصدق من شهادته على غيره كان الاعتراف أقوى من الشهادة بل هو سيد الأدلة كلها، ومع ذلك فهو خاضع في المواد الجزائية كغيره من الأدلة إلى تقدير القاضي. طرق الحصول على الاعتراف يندر أن يعترف المتهم على نفسه تلقائيا لذا عنى المشرع برسم الطريقة الموصلة للاعتراف فأجاز أخذه من المتهم بطريق الاستجواب. - لا تكون للاعتراف قيمة إذا انتزع من المتهم بطريق الإكراه المادي أو الأدبي. - فرض القانون عقابا صارما لكل موظف أو مستخدم عمومي يأمر بتعذيب متهم أو يفعل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف. - أجاز القانون موظفو الضابطة العدلية سماع أقوال المتهم عند القبض عليه. - أجاز للنيابة ولقاضي التحقيق استجواب المتهم في التحقيق الابتدائي بل أوجب عليهما استجوابه في ظرف أربعة وعشرين ساعة من وقت تنفيذ أمر ضبطه وإحضاره أو الأمر الصادر بحبسه احتياطيا. - في التحقيق النهائي أمام المحكمة بعد أن يتلوا الكاتب أوراق التحقيق ويقدم عضو النيابة طلباته يسأل القاضي المتهم عما إذا كان معترفا بارتكاب الفعل المسند إليه أم لا فإذا أجاب بالإيجاب يحكم بغير مناقشة. - يجوز استجواب المتهم ألا إذا طلب ذلك وللمتهم حق رفض الإجابة على الأسئلة الموجهة إليه. - إذا طلب المتهم أن يستجوب أثناء نظر الدعوى فعلى المحكمة أن تستجوبه وألا عد امتناعها وجها مهما لبطلان الإجراءات. - عدم سؤال المتهم عن التهمة في محكمة الدرجة الثانية لا يترتب عليه بطلان الإجراءات لأن المحكمة الاستئنافية غير ملزمة بسؤال المتهم عن التهمة. قوة الاعتراف في الإثبات أنواع الاعتراف: - اعتراف صريح: وهو الاعتراف بمعنى الكلمة. - اعتراف ضمني: أي مستنتج من بعض الظروف وفي هذه الحالة يدخل في حكم القرائن. - الاعتراف القضائي: الذي يصدر من المتهم أمام المحكمة يحق للقاضي أن يبحث فيما إذا كانت ظروف الدعوى تفيد صحة الاعتراف ومطابقته للحقيقية أم لا. - الاعتراف غير القضائي: الذي يصدر خارج مجلس القضاء، إما أن يكون مدوننا في محضر أو ورقة وتخضع كغيرها من المستندات لتقدير القاضي وإما أن يكون شفهيا أي حاصلاً أمام الشهود وهو إثبات البينة ويخضع لنفس القواعد التي تتبع في إثبات الواقعة التي ينصب عليها الاعتراف. يستخلص من ذلك أن الاعتراف القضائي وغير القضائي خاضع كغيره من الأدلة لتقدير القاضي. اجتهادات قرار 40 لعام 1992 تاريخ 28/1/1992 المبدأ: اختلاس ـ أشياء ـ أموال ـ موظف. ـ ليس كل نقض في الأشياء أو الأموال التي توضع تحت إدارة الموظف وإشرافه يعد اختلاسا للأموال العامة. ـ إلا أن اعتراف الطاعن اعترافا قضائيا يثبت قصد الاختلاس. ـ قلب الحيازة الناقصة للمال العام إلى حيازة كاملة وتصرف الموظف بالمال تصرف المالك في ملكه،يؤلف الركن المعنوي لجناية اختلاس الأموال العامة. - لئن كان الاعتراف أو الإقرار هو سيد الأدلة في القضايا المدنية إلا أنه ليس كذلك في القضايا الجزائية فهو لا يعدو أن يكون دليلاً من أدلة الدعوى يخضع في تقديره لمحكمة الموضوع فلها أن تطرحه إذا لم تقتنع بصحته ومطابقته للحقيقة إذ العبرة باقتناع القاضي بناء على التحقيقات التي تتم في الدعوى بإدانة المتهم أو ببراءته ولا يجادل قاضي الموضوع أمام محكمة النقض بهذه القناعة. (جناية أساس 925 قرار 1032 تاريخ 9 / 11 / 1928) اعتراف متهم على أخر: لما كان تقدير قيمة الأدلة يتعلق باقتناع القاضي فمن الجائز الأخذ باعتراف متهم على أخر انه وإن كان من المصطلح عليه عموما أن اعتراف متهم على متهم لا يصح في حد ذاته أن يكون دليلا يقضي بموجبه غير أن هذه القاعدة ليست في الحقيقة بقاعدة قانونية واجبة الأتباع على إطلاقها وإنما حجة الاعتراف متهم على متهم هي في الواقع مسألة تقديرية متروكة لرأي قاضي الموضوع وحده فللقاضي أن يأخذ بالاعتراف الذي من هذا القبيل إذا اعتقد صدقه أو أن يستبعده إذا لم يثق بصحته. تجزئة الاعتراف: مبدأ عدم تجزئة الاعتراف لا يمكن تطبيقه في المواد الجزائية حيث الأدلة في الأصل اقتناعية. إن للمحكمة الحق بأن تأخذ من اعتراف المتهم الجزء الذي تراه صحيحا وتترك ما يثبت التحقيق كذبه. وان قاعدة عدم تجزئة الاعتراف في المسائل المدنية ليست متبعة في المسائل الجزائية حيث للقاضي كامل الحرية في أن يكون عقيدته بحسب جميع عناصر التقدير التي تعرض عليه وأن يكونها على الأخص بحسب أقوال وإقرارات وبيانات المتهمين بالذات فله أن يأخذ ويستبعد ما يشاء بحسب ما يراه من مطابقتها أو مخالفتها للواقع في نظره. ثانيا: الشهادة أو البينة الشخصية: تعريف الشهادة: الشهادة أو البينة هي تقرير المرء لما يعلمه شخصيا إما لأنه رآه أو لأنه سمعه. - الشهادة طريقة إثبات ضرورية لكنها في نفس الوقت طريقة ضعيفة وخطرة لتركزها على المشاعر والحواس وذاكرة الشهود وهي عرضة للزلل، ومن جهة أخرى ترتكز على قرينة مشكوك فيها من الصدق والإخلاص وعليه لا تقبل الشهادة في المواد المدنية فيما يخالف أو يجاوز الدليل الكتابي أو في الالتزامات التعاقدية و التي تزيد قيمتها عن 500 ليرة إلا إذا كان هناك مانع أدبي من الحصول على كتابة أو كان الدين أو التخلص منه صار قريب الاحتمال بورقة صادرة عن الخصم أو إذا وجد دليل قطعي على ضياع السند مما يستفاد منه أن الإثبات بالبينة الشخصية في المواد المدنية طريقا غير عادي بل هو طريق استثنائي. - إما في المواد الجزائية حيث يقتضي الحال إثبات وقائع لا يمكن الحصول مقدما على أدلة عليها فالشهادة هي الطريقة العادية لإظهار الحقيقة وإثباتها. - أجاز المشرع سماع الشهود لموظفي الضابطة العدلية وللنيابة العامة وقاضي التحقيق والإحالة ومحاكم المخالفات والجنح ومحاكم الجنايات. - يشترط لقبول الإثبات بالبينة الشخصية أن تكون الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالدعوى وجائزة القبول وتكون الوقائع غير متعلقة بالدعوى إذا لم تكن مؤثرة في إثبات التهمة أو نفيها وكذلك إذا كانت مما لا يصح إثباته قانونا. - يجوز أن تكون الشهادة على سمعة المتهم وحالته الأدبية لأن ذلك مما يتوصل به إلى إثبات وقائع الدعوى. - والأصل أن يشهد الشاهد بما أدركه بحواسه ولكن يصح أن يشهد بما سمعه من غيره وأن كانت شهادة النقل ليست موضع ثقة تامة لأن الأقوال تتعرض دائما للتحريف بانتقالها من شخص لآخر. - يمكن أن يكون موضوع الشهادة إشاعة تداولها الناس ولا يمكن معرفة منشئها وهي أضعف أنواع الشهادات ولكن القانون لم يمنعها فيمكن إذن قبولها وللقاضي أن يقدرها حق قدرها. - يجوز للقاضي الامتناع عن سماع الشهادة إذا كانت الوقائع المطلوب سماعهم عنها غير متعلقة بالدعوى ولا جائزة القبول، وكذلك إذا كانت أقوال الشهود قد ثبتت بشهادة غيرهم أو باعتراف المتهم. دعوة الشهود 1- في دور الضابطة العدلية: 2- في دور التحقيق: 3- في دور المحاكمة: - ميعاد تبليغ الشهود للحضور أمام محاكم الجنايات يكون قبل انعقاد الجلسة بثلاثة أيام على الأقل غير مواعيد المسافة. - لم يحدد القانون ميعادا للحضور أمام محاكم المخالفات والجنح ويكفي أن يترك الوقت الكافي للحضور ويمكن أن يعطى ميعاد يوم للحضور غير مواعيد المسافة. - الشهود ملزمون قانونا بالحضور وأداء الشهادة وقول الحق. نصت المادة (82) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على الأتي: 1- كل من يدعى لأداء الشهادة مجبر على الحضور أمام قاضي التحقيق وأداء شهادته وألا استهدف لغرامة لا تتجاوز ثلاثمائة ليرة سورية يفرضها عليه قاضي التحقيق بعد استطلاع رأي النائب العام بموجب قرار نافذ في الحال. 2- ولقاضي التحقيق أن يقرر إحضار الشاهد. - يجب على الشاهد أن يكون صادقا في شهادته وإن على الشهود أن يحلفون على أنهم يقولون الحق ولا يشهدون بغيره حسب نص المادة (192) من قانون أصول المحاكمات الجزائية. - ليس من الضروري ذكر صيغة اليمين في ضبط الجلسات بل يكفي أن ينوه أن الشاهد قد حلفها. - إن الأصل في الأحكام اعتبار أن الإجراءات الشكلية قد روعيت وأن لمن يدعي إهمالها أو مخالفتها أن يثبت ذلك بكافة الطرق ولكن هذا الإثبات لا يقبل إلا إذا كانت تلك الإجراءات غير مذكورة بمحضر الجلسة ولا بالحكم. - إن الامتناع عن حلف اليمين يعتبر بمثابة الامتناع عن الشهادة ويعاقب الشاهد عليه لكون الشهادة باطله ألا بعد حلف اليمين حسب نص المادة (286) من قانون أصول المحاكمات الجزائية. - شهادة الزور – من يقرر أقوال كاذبة في تحقيقات الشرطة أو النيابة بقصد إعانة الجاني على الفرار من وجه العدالة يعاقب بمقتضى أحكام المادة (398) وما بعدها من قانون العقوبات وشهادة الزور أمام المحكمة من جرائم الجلسات التي يجوز الحكم فيها في نفس الجلسة التي وقعت فيها بعد سماع أقوال النيابة العامة. من لا تجوز شهادتهم الأصل أن كل إنسان يجوز له ويجب عليه أداء الشهادة ولكن هناك استثناءات وهي: عدم الأهلية للشهادة: - لا يجوز أداء الشهادة لمن كان غير قادر على التمييز سواء بسبب كبر السن أو صغره أو بسب المرض أو القوة العقلية أو غير ذلك من الأسباب التي من هذا القبيل ومنها السكر واليقظة النومية. - يجوز لمن لا قدرة له على التكلم أن يؤدي الشهادة بالكتابة أو بالإشارة. - الشهود الذين لم يتموا الخامسة عشر تسمع أقوالهم على سبيل الاستدلال فقط ذلك لأن الصغير لا يدرك قيمة اليمين فضلا عن ميله للكذب وسهولة التأثير عليه. - العبرة بسن الشاهد وقت أداء الشهادة لا وقت حصول الواقعة المشهود بها. - المحكوم عليه بعقوبة جنائية يعتبرون أنهم غير أهل للشهادة فلا يجوز لهم أن يشهدوا أمام المحكمة مدة العقوبة إلا على سبيل الاستدلال. المنع أو الإعفاء من أداء الشهادة: حسب نص المادة (565) عقوبات الملزمون بكتمان الأسرار التي ائتمنوا عليها بسبب صناعتهم ولا على الأشخاص المعفيين من أداء الشهادة وفق نص القانون. أحوال المنع: ما نصت عليه المادة (565) عقوبات لا يجوز للأطباء أو الجراحين إفشاء أسرار صناعتهم أو التي ائتمنوا عليها. الإعفاء مقتصر على أداء الشهادة ولا يشمل الحضور أمام المحكمة إذا كلف الشاهد بالحضور وألا عرض نفسه للعقاب عن التخلف ومتى وجهت إليه أسئلة فله أن يقرر إذا كان يمكنه الإجابة عنها أم لا وعليه أن يطلع المحكمة على الأسباب التي تدعوه إلى امتناع وللمحكمة الرأي الأعلى في تقدير ما إذا كانت السباب التي يبديها الشاهد مما يبرر امتناعه عن أداء الشهادة. - صفة الشاهد لا تتعارض مع صفة موظف الضابطة العدلية ولا عضو النيابة العامة ولا قاضي التحقيق ولا الإحالة. - لا تتعارض صفة الشاهد مع صفة الخبير في الدعوى. - يجوز سماع المدعي بصفة شاهد بعد تحليفه اليمين أو على سبيل الاستدلال فقط. - يقضي القانون أحيانا بعفو عن بعض الجناة إذا بادر بإخبار الحكومة بالجريمة وفاعليها أو سهل لها القبض عليه ولا شيء يمنع في هذه الحالة من أن الجاني المعفي من العقاب يسمع بصفة شاهد على الباقين بعد تحليفه اليمين. - يمكن أثناء المحاكمة وعقب سماع كل شاهد على انفراد مواجهة الشهود ببعضهم. - يجب أن تكون الشهادة شفهية أمام المحكمة. - لكل من الخصوم الحق في سماع الشهود فللنيابة والمدعي الشخصي الحق في سماع شهود الإثبات وللمتهم الحق في سماع شهود النفي. - ليس للمحكمة أن تمتنع عن سماع الشهود وألا كان حكمها باطلاً لأن امتناعها عن سماعهم يعد إخلال بحق الاتهام أو الدفاع وبمبدأ شفهية التحقيق الذي يقضى بأن لا يستعاض عن الشهادات الشفهية بتلاوة الشهادات المكتوبة في محاضر التحقيق. - لا يكون عدم سماع الشهود سببا للبطلان إلا إذا تمسك لمتهم بسماع شهادتهم وإذا رفض طلبه أمام المحكمة الابتدائية وجب تجديده أمام المحكمة الاستئنافية أما إذا لم يتمسك المتهم بسماع شهود النفي أو لم يجدد طلبه أمام المحكمة الاستئنافية فلا بطلان. - للمتهم الحق في سماع شهود الإثبات وتوجيه الأسئلة أليهم ولا يجوز الاستعاذة عن سماع شهادتهم بتلاوة أقوالهم المدونة في المحضر وليس للمحكمة أن ترفض سماعهم وألا ترتب على ذلك بطلان الإجراءات. الاستثناءات: للمحكمة أن لا تسمع الشهود في الحالات التالية: 1- غياب المتهم لأنه سوف تحصل مرافعة جديدة بعد الاعتراض على الحكم الغيابي من قبل المتهم أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة بالتقادم. 2- اعتراف المتهم إذا اعترف المتهم بالجريمة يحكم القاضي عليه بدون مناقشة أو مرافعة. 3- تنازل أحد الخصوم للمحكمة أن لا تسمع الشهود إذا تنازل أحد الخصوم أو محاميه عن سماع شهوده بشرط موافقة الخصم الآخر ولو ضمنا على هذا التنازل. 4- استغناء المحكمة عن بعض الشهود لا يجوز للمحكمة أن تصرف النظر عن سماع الشهود الذين سماهم الخصوم إلا أنها ليست ملزمة بأن تسمعهم كلهم بل يسوغ لها أن تستبعد منهم من ترى أن شهادته غير لازمة أو غير مجدية وذلك بأن يكون أوجه الدفاع الذي يبديه المتهم ويطلب من المحكمة تحقيقه غير متعلق بالموضوع ولا جائز القبول أو أن يكون القاضي قد وضحت لديه الواقعة المبحوث فيها وضوحا كافياً. 5- عدم حضور الشهود يجوز للمحكمة صرف النظر عن سماع الشهود إذا تعذر حضورهم. 6- في الاستئناف الأصل أن المحكمة الاستئنافية لا تجري تحقيقا ما بل تحكم بناء على أوراق القضية ومحضر جلسة محكمة أول درجة ولكن يسوغ لها أن تأمر بما ترى لزومه من استيفاء تحقيق أو سماع شهود ولا يترتب على رفض المحكمة سماع الشهود أي بطلان سواء أكان الشهود قد سمعوا سابقا أم كانوا شهودا جدد. - يقدر القاضي شهادة الشهود فيأخذ منها بما يقنع ضميره ورأيه فيذلك لا تتناوله رقابة محكمة النقض. فينظر القاضي إلى احتمال حصول الواقعة المشهود عليها وعدم مخالفتها للمعقول وينظر في حالة الشاهد النفسية والأدبية وتاريخ حياته وعوائده ومركز في الهيئة الاجتماعية ثم لكفاءته الحسية والعقلية ثم لعلاقته بالخصوم وما يربطه بهم من قرابة أو صداقه أو مصلحة. - ليس القاضي مقيد بعدد معين ولا بنوع معين من الشهود وليست القرابة أو المصاهرة من أسباب رد الشهود وتجريحهم. ثالثاً: الإثبات بالكتابة: - الأوراق إما أن تكون جسم الجريمة أو الدليل عليها – جسم الجريمة كالورقة المزورة في دعاوى التزوير – دليل كعقد إيجار المحل المعد للعب القمار في جريمة فتح محل للعب القمار ويمكن أن تكون جسم الجريمة والدليل في أن واحد كالورقة المتضمنة وقائع القذف في جريمة القذف. - يجوز الاستناد إلى تلك الأوراق شرط أن تضم إلى ملف الدعوى وأن تطرح للمرافعة والمناقشة الشفهية في الجلسة. - إذا كونت الورقة جسم الجريمة فيكفي صدورها عن المتهم لتوفر الجريمة قبله أما إذا كانت دليلا على الجريمة فقط كما إذا كانت صادرة من المتهم وتضمنت اعترافه بالتهمة صراحة أو ضمنا أو كانت صادرة من غيره ولكنها تفيد وقوع الجريمة من المتهم فتكون الورقة محل تقدير المحكمة أو المحقق باعتبارها متضمنة على الأكثر اعترافا من المتهم أو شهادة عليه من الغير وللمحكمة الحرية التامة في هذا التقدير. - كما أن للخصوم الحق في طلب سماع شهودهم ولهم الحق في طلب الإطلاع على مستنداتهم. - أنواع الأوراق رسمية وعادية: الأوراق الرسمية : هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة طبقاً للقواعد القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن. الأوراق العادية هي: التي لم تستوفي الشروط المبينة في الأوراق الرسمية. - الأوراق الرسمية بطبيعتها حجة بما قرر الموثق أنه رآه أو سمعه في حدود اختصاصه إلى أن يثبت ما ينفيه بطريق الطعن بالتزوير. - المحاضر هي أوراق يحررها موظفون مختصون بإثبات الجرائم وظروفها والأدلة على مرتكبيها ليس لكل المحاضر قوة واحدة في الإثبات فبعضها وهو القاعدة العامة ليس له سوى قيمة مستند عادي يستقي منه القاضي المعلومات التي من شأنها تكوين أو تثبيت عقيدته فهو عنصر من عناصر الاقتناع خاضع لمناقشة الخصوم ولحرية تقدير القاضي كمثل شهادة الشهود وقرائن الأحوال لا أكثر ولا اقل. ويعتبر حجة بما فيه إلى أن يثبت ما ينفيه تارة بطريق الطعن بتزويره وتارة بالطرق العادية. - لا تكون المحاضر حجة بما فيها إلا إذا كانت محررة بمعرفة موظف الضابطة القضائية المختص بتحريره. - ليس للمحاضر قوة في الإثبات هذه إلا في المخالفات أما في الجنايات والجنح فلا تعتبر إلا مجرد استدلالات والموظف الذي حررها يجوز سماعه بصفة شاهد. - لا يكون المحضر حجة إلا بالوقائع المادية المتعلقة بالجريمة والتي يكون محرره قد رآها أو سمعها أو حققها بنفسه. رابعاً: الخبرة: - الخبير هو كل شخص له دراية خاصة بمسألة من المسائل. - فيلجأ إلى الخبرة كلما قامت في الدعوى مسألة تتطلب حلها معلومات خاصة لا يأنس القاضي من نفسه الكفاية العلمية أو الفنية لها. - يشبه الخبير الشاهد في أن كل منهما يقرر أمام القضاء الأمور التي شاهدها والتفاصيل التي لاحظها والظروف التي تأثر بها. - الخبرة طريقة من طرق التحقيق تتخذ في الدور الابتدائي كما تتخذ في الدور النهائي للدعوى. - للمحاكم الاستعانة بأهل الخبرة وهي كثيرا ما تلجأ إلى هذه الطريقة التي يبررها أنها طريقة ضرورية يتحتم اتخاذها كلما ظهر أنه يمكن الوصول بواسطتها إلى اكتشاف الحقيقة. - للمحكمة تعيين الخبراء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم. - ومتى قدم الطلب من احد الخصوم فلا يسوغ للمحكمة أن ترفضه إلا إذا رأت أن الوجه المطلوب تحقيقه غير متعلق بالموضوع ولا جائز القبول أو أن الواقعة المبحوث فيها واضحة وضوحاً كافياً. - يكون تعيين الخبير أو الخبراء بحكم تمهيدي أو تحضيري على حسب الأحوال وتذكر في الحكم الذي يصدر بالتعيين المواد المقتضى أخذ قول أهل الخبرة عنها مع بيان ما يصرح لهم بعمله من الإجراءات المستعجلة. - لم يحدد القانون الخبراء الذين يجوز للمحكمة الاستعانة بهم فيجوز لها أن تختار لهذا الغرض أي شخص ترى فيه الكفاية اللازمة. - صفة الخبير لا تتعارض مع صفة الشاهد بالرغم من أنها تتعارض مع صفة القاضي فقد يحصل أن الشخص الواحد يعين خبير في الدعوى بصفة خبير ثم يطلب لسماع أقواله بصفته شاهد أو العكس. - يجوز رد أهل الخبرة إذا كان زوجا أو قريبا أو صهرا لأحد الخصوم على عمود النسب أيا كانت الدرجة وكذلك القريب من الحواشي إلى الدرجة الرابعة بدخول الغاية. - أوجب القانون على الخبير أن يحلف يمينا قبل أداء مأموريته سواء أمام موظف الضابطة العدلية أو النيابة أو التحقيق أو المحكمة وألا كان العمل لاغيا يجب أن يحلف اليمين قبل أداء المهمة. - يجب على الخبير أن يؤدي مهمته في زمن لائق ويجوز تحديده في الحكم الصادر بتعيينه كما أنه لا يجوز للخبير أن ينيب عنه غيره بالمهمة ولكن هذا لا يمنعه من أن يعهد لشخص أخر بعمل مادي لا ينطوي على شيء من التقدير أو الرأي. - يجب أن يشتمل محضر الخبير على المقدمة وتشمل اسم الخبير ومن كلفه بالمهمة نقلا عن الحكم الصادر ومحاضر الأعمال وتشمل جميع الإجراءات والمباحث والتحقيقات التي أجراها الخبير والنتيجة وتشتمل على وأية في المسائل التي ندب لها. - رأي الخبير يعطى دائما بصفة استشارية ولا تتقيد به المحكمة فهو ليس بحكم وليس له قيمة أكثر من شهادة الشهود ولا يمنع القاضي من حقه التام في تقدير الوقائع التي تعرض عليه حق قدرها والمحكمة ليست مقيدة رأي الخبير في معرفة التلازم بين الفعل والنتيجة وفي نوع الأدلة المستخدمة وللمحكمة أن تختار ما ترى الأخذ به كما أن لها تفضيل تقرير على تقرير أخر ولها أن تبحث في مسالة وتفصل فيها بدون اخذ رأي الخبراء. - إذا لم تقتنع المحكمة بتقرير الخبير يجوز لها أن تعين خبيراً أو خبراء آخرين ولا شيء يمنع من أن يكون من بينهم أحد الخبراء الأولين. خامساً: الانتقال على محل الواقعة: - يحصل أن يتم الانتقال إلى محل الواقعة سواء في الدور الابتدائي للدعوى بمعرفة موظفو الضابطة العدلية وقاضي التحقيق أو في الدور النهائي بمعرفة المحكمة أو أحد أعضائها منتدبا منها لهذا الغرض. - محضر المعينة نصت المادة (46) من قانون ألأصول على موظف الضابطة العدلية عندما ينتقل إلى محل الواقعة يحرر ما يلزم من المحاضر. - انتقال المحكمة ليس هناك ما يمنع من انتقال المحكمة إلى محل الواقعة للمعاينة وتأمر المحكمة بالانتقال في حكم تصدره في جلسة علنية سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم. سادساً: القرائن: - الاستدلال بالقرينة هو استنتاج واقعة مجهولة من واقعة معلومة. تقبل القرائن كطريقة للإثبات في القانون الجزائي حيث الأدلة اقتناعية. القرائن نوعين : قرائن اقتناعية: يترك أمرها للقاضي فيختار منها ما يشاء ويستنتج ما يطابق فكره ويقنع ضميره وهي الأصل. قرائن قانونية: التي يقررها الشارع مقدما ويلزم القاضي أو يجيز له الأخذ بها لا توجد القرائن القانونية ألا بنص والقرائن القانونية أما مؤقتة أو بسيطة أو قطعية أو مطلقة فالمؤقتة والبسيطة تقبل إثبات العكس وتبقى قائمة إلى أن يقوم الدليل على عكسها أما القطعية أو المطلقة لا تقبل إثبات العكس كمسألة السن. - لا يجوز للقاضي أن يحكم بناء على المعلومات الشخصية التي حصل عليها خارج مجلس القضاء لأنه لا يصح أن يكون شاهدا وحكما في آن واحد ولأنه لا يجوز الحكم في الدعوى إلا بناء على التحقيقات التي تحصل في الجلسة في حضور الخصوم.

اسباب سقوط دعوى الحق العام


هناك عدد من الاسباب التي تؤدي الى سقوط دعوى الحق العام نستعرضها تباعا وهي : المبحث الأول : وفاة المتهم * أولا : وفاة المتهم قبل تحريك الدعوى الجنائية إذا حصلت الوفاة قبل تحريك الدعوى الجنائية فلا يجوز تحريكها وتصدر النيابة العامة أمرا بحفظ الأوراق * ثانيا : إذا حصلت الوفاة أثناء الدعوى فتقضي المحكمة بسقوط الدعوى الجنائية ويمتنع عليها أن تنقضي بأية عقوبة * ثالثا : وفاة المتهم بعد صدور حكم غير بات إذا حدثت الوفاة بعد صدور الحكم وقبل الفصل في الطعن فإن الحكم يمحى بسقوط الدعوى وفي هذه الحالة يجب رد العقوبات المالية التي تم تنفيذها فيرد مبلغ الغرامة والأشياء التي صودرت * رابعا : وفاة المتهم بعد صدور حكم بات إذا حدثت الوفاة بعد صدور حكم بات فإنه يترتب على الوفاة سقوط العقوبة المقضي بها * خامسا : ظهور المتهم حيا بعد الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية لوفاته إذا قضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية لوفاة المتهم ثم تبين بعد ذلك أنه لا يزال علي قيد الحياة فإن هذا الحكم لا يعد فاصلا في موضوع الدعوى الجنائية ومن ثم فلا يحوز حجية الشيء المقضي فيه * سادسا : استمرار نظر المحكمة للدعوى الجنائية لجهلها بوفاة المتهم إذا استمرت المحكمة في نظر الدعوى الجنائية وأصدرت فيها حكما غيابيا في حين أن المتهم قد توفي قبل إصدار الحكم ولم تكن المحكمة على علم بوفاته فإن الحكم الذي يصدر في هذه الحالة يكون منعدما لعدم قيام الدعوى وقت إصداره وذلك لانقضائها قانونا بوفاة المتهم * سابعا: أثر وفاة المتهم على الدعوى المدنية لا أثر لوفاة المتهم على الدعوى المدنية المترتبة على الجريمة وتظل قائمة وحدها أمام القضاء الجنائي مادامت قد رفعت مع الدعوى الجنائية * ثامنا : أثر وفاة المتهم على المساهمين الآخرين في ارتكاب الجريمة إذا توفي المتهم سواء كان فاعلا أصليا أم شريكا في الجريمة فإنه يترتب على وفاته انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة له ولا أثر لوفاته على بقية المساهمين الآخرين معه في ارتكاب الجريمة المبحث الثاني: العفو الشامل النوع الأول : العفو عن العقوبة وهي صلاحية مخولة لرئيس الجمهورية يكون له بمقتضاها حق إسقاط العقوبة كلها أو بعضها أو إبدالها بعقوبة أخف منها مقررة قانونا ولا تسقط العقوبة التبعية ولا الآثار الجنائية الأحرى المترتبة على الحكم بالإدانة ما لم ينص في أمر ما لم ينص في أمر العفو على خلاف ذلك النوع الثاني: العفو عن الجريمة العفو عن الجريمة أو العفو الشامل أو العام يعنى تجريد الفعل من الصفة الإجرامية فيصبح كما لو كان فعلا مباحا وهو حق مقرر للهيئة الاجتماعية ولذلك فلا يكون إلا بقانون أثر العفو العام أو الشامل : أولا : بالنسبة للدعوى الجنائية إذا صدر العفو أو الشامل قبل تحريك الدعوى الجنائية فلا يجوز تحريكها فإذا ما رفعت الدعوى للمحكمة رغم صدور العفو فتلتزم المحكمة بالحكم بعدم قبولها وانقضاء الدعوى الجنائية أو سقوطها بالعفو الشامل يتعلق بالنظام العام أما إذا صدر العفو الشامل بعد صدور حكم بات في الدعوى الجنائية بالإدانة فإنه يمحى بسقوط الدعوى بالعفو الشامل وتزول كل آثاره ويمتنع تنفيذ العقوبة والمصاريف أما إذا كان المحكوم عليه قد نفذ العقوبة فعلا ثم صدر العفو الشامل فإنه يمحو أثر الحكم محوا تاما وإذا سقطت الدعوى الجنائية بالعفو العام عن الفعل فإنه لا يجوز تحريكها مرة أخرى ثانيا: بالنسبة للمساهمين في ارتكاب الجريمة للعفو الشامل صيغة عينية لأنه يصدر بالنسبة لطائفة أو طوائف معينة من الجرائم بغض النظر عن شخصية مرتكبيها ولذلك يترتب عليه سقوط الدعوى الجنائية بالنسبة لجميع المتهمين فيها سواء في ذلك الفاعل أو الشريك ثالثا: بالنسبة للحقوق المدنية لا أثر للعفو الشامل على الدعوى المدنية فإذا لم تكن الدعوى المدنية قد أقيمت فيجوز إقامتها أمام المحكمة المدنية ما لم يتضمن العفو الشامل النص على سقوط الدعوى المدنية أيضا المبحث الثالث: مضي المدة ( التقادم ) أولا: مبدأ التقادم وتبريره يرتب القانون على مضي مدة معينة على ارتكاب الجريمة دون اتخاذ إجراءات فيها سقوط الدعوى الجنائية بالتقادم لأن مضي مدة معينة على ارتكاب الجريمة يؤدى إلى نسيانها ثانيا : مدة التقادم تنقضي الدعوى الجنائية بالتقادم في مواد الجنايات بمضي عشر سنين وفي مواد الجنح بمضي ثلاث سنين وفي مواد المخالفات بمضي سنة ثالثا : نطاق التقادم استثنى المشرع الجرائم الآتية : 1. جريمة تعذيب المتهم لحمله على الاعتراف 2. جريمة معاقبة المحكوم عليه بعقوبة لم يحكم عليها بها 3. جريمة القبض بغير وجه حق من شخص تزيا بدون وجه حق بزي مستخدمي الحكومة *. جرائم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمواطن رابعا : بدء سريان مدة التقادم الأصل أن تبدأ مدة التقادم من اليوم التالي لوقوع الجريمة ويستثنى جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر ولا تستكمل المدة إلا بانقضاء اليوم الأخير ويختلف ميعاد بدء سريان التقادم باختلاف نوع الجريمة وطبيعتها على التفصيل الآتي : 1. الجرائم الوقتية : تبدأ مدة التقادم من اليوم التالي لتاريخ وقوعها 2. الجرائم المستمرة : تبدأ مدة التقادم من اليوم الذي ينتهي فيه النشاط الإجرامي المكون لحالة الاستمرار 3. الجرائم متتابعة الأفعال : كجريمة سرقة التيار الكهربائي فإن مدة التقادم تبدأ من اليوم التالي لتاريخ ارتكاب أخر فعل من أفعال التتابع *. جرائم العادة : وهى الجرائم التي لا تقوم إلا بتكرار فعل واحد أكثر من مرة كجريمة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش فإن مدة التقادم تبدأ من يوم تمام تكوين الجريمة خامسا : وقف مدة التقادم يقصد بوقف التقادم قيام مانع يؤدى على وقف سريان مدة التقادم حتى زوال هذا المانع ثم استئناف سريان التقادم استكمالا للمدة التي انقضت قبل قيام مانع وقد حسم المشرع الأمر بنصه لا يوقف سريان المدة التي تسقط بها الدعوى الجنائية لأي سبب كان باستثناء جرائم اختلاس الأموال الأميرية والغدر سادسا : انقطاع مدة التقادم انقطاع مدة التقادم يعني سقوط المدة التي انقضت منه وبدء سريان مدة جديدة وذلك نتيجة إجراء من إجراءات الدعوى الجنائية التي حددها القانون على سبيل الحصر سابعا: مالا يقطع مدة التقادم لا يقطع مدة التقادم أي إجراء من الإجراءات التي عن نطاق الدعوى الجنائية كالإبلاغ عن الجريمة ثامنا : شروط الإجراء القاطع لمدة التقادم يشترط في الإجراء القاطع للتقادم أن يكون صحيحا مستوفيا لكافة الشرائط الشكلية والموضوعية التي عيناها القانون حتى يرتب أثره بقطع مدة التقادم وعلى ذلك فلا ينقطع التقادم بالتحقيق الذي يجاوز حدود الاختصاص لمن باشره تاسعا: أثر انقطاع مدة التقادم يترتب على انقطاع مدة التقادم سقوط المدة التي تكون قد مضت من يوم وقوع الجريمة إلي يوم الانقطاع ووجوب احتساب مدة جديدة كاملة من اليوم التالي لهذا الإجراء وإذا تعدد المتهمون فإن انقطاع المدة بالنسبة لأحدهم يترتب عليه انقطاعها بالنسبة للباقين عاشرا : آثار تقادم الدعوى الجنائية يترتب علي مضي مدة التقادم سقوط حق الدولة في العقاب وبالتالي انقضاء الدعوى الجنائية ومن ثم عدم جواز اتخاذ أي إجراء من إجراءاتها ولكن انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم لا يحول دون الحكم بالمصادرة ولا يؤثر على سير الدعوى المدنية الناشئة عن الجريمة وانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم ليس مقررا لمصلحة المتهم وإنما هو مقرر للمصلحة العامة ولذلك فهو من النظام العام المبحث الرابع : الحكم البات الحكم البات هو السبب الطبيعي لانقضاء الدعوى الجنائية فتنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو الإدانة حتى ولو بناء على ظهور أدلة جديدة تغيير الوصف القانوني للجريمة شروط الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه الأول : صدور حكم جنائي بات فاصل في موضوع الدعوى فينبغي أن نكون أولا ببصدد حكم متمتع بوجود القانوني فالأحكام المنعدمة لا تتمتع بأية قوة قانونية أما الأحكام الباطلة فإنها متي حازت قوة الأمر المقضي أضحت عنونا للحقيقة ونعت الحكم بأنه جنائي فليس مرجعه نوع المحكمة التي أصدرته وإنما سنده سبب الدعوى التي صدر بشأنها فقد يصدر الحكم الجنائي من إحدى المحاكم المدنية كما هو شأن في جرائم الجلسات وأما وصف الحكم بأنه بات فيكون متي أصبح غير قابل للطعن فيه بأي طريق كما يجب أن يكون الحكم البات فاصلا في الموضوع الثاني : وحدة الواقعة الإجرامية يشترط أن تكون الواقعة الإجرامية المسندة إلي المتهم في الدعويين المحكوم فيها والجاري المحاكمة عنها واحدة والعبرة في وحدة الواقعة الإجرامية بالعناصر المادية للجريمة فقط دون ركنها المعنوي ولا يغير من وحدة الواقعة ظهور أدلة جديدة كظهور دليل قاطع على توافر نية إرهاق الروح لدي الجاني بعد سبق الحكم عليه في تهمة ضرب أفضي إلى موت ومن ثم فلا يجوز إعادة محاكمته بناء على الدليل الجديد وبالنسبة للجرائم المرتبطة أي في حالة وقوع عدة جرائم لغرض واحد مع توافر الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بينها فإنه يجب اعتبارها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدها حينئذ فلا تجوز إعادة محاكمة المتهم عن الجريمة التي عقوبتها أخف والعكس صحيح .وبالنسبة للجرائم المستمرة فإن قوة الحكم البات تنصرف إلى حالة الاستمرار السابقة عليه فحسب فتحول دون إعادة المحاكمة عنها أما الوقائع اللاحقة عليه فتقوم بها جريمة مستقلة ومن ثم فلا تنصرف إليها قوة الحكم البات وتصح المحاكمة من أجلها مرة أخري الثالث: وحدة الخصوم تستلزم وحدة الخصوم وحدة الطرفين الأساسين في الدعوى الجنائية وهما الإدعاء والمتهم ووحدة الادعاء متحققة دائما ( النيابة العامة ) أما المتهم فهو الطرف الوحيد الذي يمكن تصور تغيره أما في حالة تعدد المتهمين فإن سبق الحكم بإدانة أحدهم لا تحول دون محكمة بقية المساهمين أما إذا كان قد سبق لحكم لصالح أحدهم بالبراءة فإنه ينبغي التميز بين الحالة الأولي : تأسيس حكم البراءة على أسباب موضوعية إذا استند الحكم بالبراءة على أسباب موضوعية تتصل بماديات الجريمة وتكيفيها القانوني كعدم صحة الواقعة فإن للحكم البات ببراءة المتهم قوة تحول دون محاكمة بقية المساهمين الحالة الثانية : تأسيس الحكم بالبراءة على أسباب شخصية إذا استند حكم البراءة على أسباب شخصية كانعدام التمييز فلا يكون الحكم البات ببراءة أحد المتهمين حائلا دون محاكمة بقية المساهمين معه في ارتكاب الجريمة تعلق الدفع بقوة الأمر المقضي بالنظام العام : يتعلق الدفع بقوة الأمر المقضي بعدم جواز نظر الدعوى لسباقة الفصل فيها بالنظام العام و ينبني على ذلك جواز الدفع به في آية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض كما تقضي المحكمة بانقضاء الدعوى من تلقاء نفسها ولو تنازل المتهم عن الانتفاع به

سلطات الإدارة في الصفقات العمومية للأستاذ الدكتور عمار بوضياف


إنّ أبرز مظهر تتميّز به الصفقات العمومية عن غيرها من العقود وخاصة المدنية والتجارية أن الصفقة العمومية تخوّل جهة الإدارة ممارسة جملة من السلطات تتمثّل في سلطة الإشراف والرقابة وسلطة التعديل وتوقيع الجزاءات وسلطة إنهاء الصفقة. نفصل هذه السلطات فيما يلي: المبحث الأول: سلطة الإشراف والرقابة. يقصد بسلطة الإشراف تحقّق الإدارة من أنّ المتعاقد معها يقوم بتنفيذ التزاماته العقدية على النحو المتفق عليه. أمّا سلطة الرقابة فتتمثّل في حق الإدارة في التدخل لتنفيذ العقد وتوجيه الأعمال واختيار طريقة التنفيذ في حدود الشروط وضمن الكيفيات المتفق عليها في العقد. وتجد هذه السلطة أساسها في فكرة المرفق العام، لا النصوص التعاقدية. فهي ثابتة للإدارة حتى ولو لم ينص عليها العقد. وهنا يبرز الفرق الواضح بين العقد الإداري والعقد المدني، إذ أنّ هذا الأخير لا يخوّل سلطة للمتعاقد إلا إذا تمّ النّص عليها في العقد أو قرّرها القانون، بينما العقد الإداري يخوّل للإدارة سلطة الإشراف والتوجيه وإن لم ينص في العقد على ذلك وهذا بهدف ضمان تلبية الحاجات العامة وحسن أداء الخدمة العامة وضمان حسن سير المرافق العامة. وتعتبر سلطة الإشراف والرقابة من النظام العام لا يمكن الاتفاق على مخالفتها لأنّها قررت للمصلحة العامة. كما لا يمكن لجهة الإدارة التنازل عنها. فهي ليست بالامتياز الممنوح للإدارة في حد ذاتها بوصفها سلطة عامة، بل قررت سلطة الإشراف والرقابة لحماية المال العام وضمان حسن سير المرافق العامة. وغالبا ما تشترط الإدارة ضمن بنود صفقاتها أو في دفاتر الشروط العامة والخاصة حقّها في إصدار التعليمات. ويتجسد ذلك أكثر في عقود الأشغال العامة بالنظر لطبيعته الخاصة وكون أنّ تنفيذه يستغرق مدة زمنية طويلة. غير أنّ سلطة الإشراف والرقابة وإن كانت ثابتة بالنسبة لجهة الإدارة ومقرّرة في سائر العقود الإدارية، إلا أنّ ممارستها تختلف من حيث المدى بين صفقة وأخرى فسلطة الإشراف والرقابة تبرز أكثر، ويتسع مجالها ومداها في عقود الأشغال وهذا بالنّظر لطابعها الخاص كونها تكلّف خزينة الدولة مبالغ ضخمة. ثمّ أنّها تحتاج إلى متابعة مستمرة ومتواصلة تفاديا لأيّ خروج عن ما تمّ التعاقد بشأنه من جانب المقاول أو مؤسسة التنفيذ. وعلى ذلك فعقد الأشغال بطبيعته يفرض تدخل مندوب الإدارة للإشراف على التنفيذ فيكون بمثابة المدير الحقيقي للعمل والمشرف العام عليه. وينقلب المقاول إلى جهة تنفيذ التعليمات الصادرة عن مندوب الإدارة. وبهدف إجراء التوازن بين ممارسة الإدارة لسلطتها وضمان حقوق المتعاقد معها يجوز للمقاول المعني اللجوء للقضاء الإداري بهدف إلغاء قرار يتعلّق بتعليمة تخص تنفيذ عقد أشغال، أو أن يرفع دعوى تعويض عن الأعباء المالية الناتجة عن تنفيذ هذه التعليمات. لذلك ذهبت المحكمة العليا في مصر في قرار لها صدر بتاريخ 16-02-1978 إلى القول : " وإن كانت المادتان 11-12 من عقد حفر أبار المبرم بين جهة الإدارة والمقاول تخولان الإدارة إصدار الأوامر والتعليمات، إلا أنه يشترط لذلك أن تكون هذه التعليمات لازمة لتنفيذ العمل على الوجه الصحيح، فإن تبين أن هذه التعليمات تتضمن أمورا لا تتفق مع أصول الفن كان من حق المقاول أن يعترض على هذه التعليمات وأن يبيّن أنّها تخالف أصول الفن...". وهو ما يؤكد لنا أن سلطة الإشراف والتوجيه والرقابة ليست مطلقة لأن إطلاقها يؤدي إلى تعسف جهة الإدارة ومبالغتها في إصدار التعليمات والأوامر بما قد يضر بالمتعاقد معها خاصة من الناحية المالية. أمّا التوريد فطبيعته تفرض أن تتخذ سلطة الإشراف مظهرا آخر أقل شدة من الأول. فالأمر يتعلق بمواد أو منقولات يلزم المتعاقد بأن يضعها تحت تصرف الإدارة.ومن حق مندوب الإدارة رفض استلام المواد أو المعدات التي لا تنطبق عليها المواصفات المتفق عليها في العقد. وكذلك حق الامتياز يتخذ الإشراف فيه شكلا خاصا ومميزا. فالإدارة تراقب نشاط المرفق المسير بطريق الامتياز للتأكد عما إذا كان الملتزم يعمل وفقا للشروط الواردة في العقد أم أن هناك خرف من جانبه لأحد البنود العقدية فتتخذ الإجراءات القانونية.كأن يتعلق الأمر بإخلاله مثلا بالرسوم المتفق عليها وتجاوزه للحد المتفق عليه. أو يتعلق الأمر بتمييزه بين المنتفعين من خدمات المرفق وهكذا ... المبحث الثاني: سلطة التعديل. تعد سلطة التعديل أحد أهم مظاهر تميّز العقد الإداري عن غيره من عقود القانون الخاص. فإذا كان أطراف العقد المدني لا يتمتع أيا منهم بسلطة انفرادية تجاه الآخر يمكنه من تعديل أحكام العقد بإرادة واحدة وإلزام الطرف الآخر بهذا التعديل. فإنّ العقد الإداري وخلاف القواعد المعمول بها في مجال القانون الخاص يمكن جهة الإدارة تعديله بإرادتها المنفردة. ويكاد فقه القانون والقضاء المقارن يجمع على أن كل العقود الإدارية قابلة للتعديل من جانب الإدارة لوحدها. وتأصيل ذلك يعود لحسن سير المرافق العامة. فتستطيع الإدارة إذا اقتضت المصلحة العامة وحسن سير المرفق العام أن تعدل في مقدار التزامات المتعاقد معها بالزيادة أو النقصان. وهذا الحق ثابت للإدارة ولو لم يتم النّص عليه في العقد.بل هو ثابت للإدارة وإن لم ينص عليه القانون صراحة. ذلك أنّ عقود القانون الخاص إذا كانت تقوم على فكرة المساواة بين طرفي العقد دون تمييز أو مفاضلة لطرف على طرف. فإنّ العقد الإداري وخلاف ذلك يقوم على فكرة تفضيل مصلحة على مصلحة . ولما كانت الإدارة تمثّل جهة الطرف الّذي يسعى إلى تحقيق مصلحة عامة وجب أن تتمتع بامتياز تجاه المتعاقد معها تمثل في أحقيتها في تعديل العقد بإرادتها المفردة دون أن يكون للمتعاقد معها حق الاحتجاج أو الاعتراض طالما كان التعديل ضمن الإطار العام للصفقة واستوجبته المصلحة العامة وحسن سير المرفق العام . وسلطة الإدارة في التعديل ليست مطلقة بل تمارس ضمن إطار محدد وضوابط دقيقة تتمثل فيما يلي: 1- أن لا يتعدى التعديل موضوع العقد: لا شك أن الإدارة وهي تمارس سلطتها في التعديل تباشرها على نحو يراعي موضوع العقد الأصلي وان لا يتجاوزه. فلا يجوز لجهة الإدارة أن تتخذ من سلطة التعديل ذريعة أو مطية لتغيير موضوع العقد وإرهاق الطرف المتعاقد معها. وعليه لا تستطيع الإدارة أن تعدل أحكام العقد على نحو يغير موضوعه. وإلا كنا أمام عقد جديد. ذلك أنّ المتعاقد مع الإدارة عندما قبل التعاقد معها، وألتزم بتنفيذ مضمون العقد في أجال محدّدة، فإنّه راعي في ذلك قدراته المالية والفنية. فإن أقبلت الإدارة على التغيير الموضوعي أو الهيكلي للعقد، فإنّ ذلك قد لا يناسب المتعاقد معها. ومن هنا وجب أن يكون التعديل من حيث المدى والأثر نسبيا بحيث لا يؤثر على العقد الأصلي. 2- أن يكون للتعديل أسباب موضوعية: لا شك أنّ الإدارة وهي تباشر سلطتها في تعديل العقود الإدارية لا تتحرك من فراغ بل هناك عوامل تدفعها لتعديل هذا العقد أو ذاك. بهدف ضمان حسن سير المرافق العامة وتلبية الخدمة العامة للجمهور في أحسن وجه. إنّ الإدارة العامة تتعاقد في ظل ظروف معيّنة قد تتغير في مرحلة ما بعد توقيع العقد خاصة في العقود الإدارية التي تأخذ زمنا طويلا في تنفيذها كعقد الأشغال أو عقد التوريد. فإن تغيرت الظروف وجب الاعتراف للإدارة بحق تعديل العقد بما يتماشى والظروف الجديدة، وبما يراعي موضوع العقد الأصلي، ويلبي حاجات المنتفعين من خدمات المرفق العام. 3- أن يصدر قرار التعديل في حدود القواعد العامة للمشروعية: إنّ الإدارة حين تقبل على تعديل صفقة ما، فإنّ وسيلتها في ذلك هي القرار الإداري. فتصدر السلطة المختصة قرارا إداريا بموجبه تعلن عن نيتها في تعديل صفقة عمومية. ووجب حينئذ أن تتوافر في هذا القرار سائر أركان القرار الإداري ليكون مشروعا. وهنا أيضا نسجل نقطة التقاء واقتران وتلازم أخرى بين نظرية القرار الإداري ونظرية الصفقات العمومية. إنّ أعمال الإدارة وإن صنّفها الفقه إلى نوعين انفرادية من جهة، وتعاقدية من جهة ثانية، إلا أن العلاقة بينهما قائمة. إذ قد تصدر الإدارة قرارا إداريا له علاقة بصفقة عمومية. كالقرار المتعلق بأعمال جديدة واردة في صفقة عمومية فتصدر الإدارة قرارها ثم تبادر إلى الإعلان عن التعديل. وكما مّر بنا بالنسبة لسلطة الإشراف أن الإدارة تصدر قرارات بموجبها تعلن عن تعليمات موجهة للمقاول تتعلق بتنفيذ موضوع صفقة عمومية. ومن المفيد الإشارة أنّ فقه القانون الإداري لم يسلم كله بسلطة التعديل. فهناك من الفقهاء من أنكرها على الإدارة. وهناك من قيدها وحصرها في نوع معين من العقود كعقد الأشغال العامة وعقد الامتياز. وتبرير ذلك أنّ عقد الامتياز مثلا يتضمن شروطا لائحية تسوغ للإدارة حق التدخل لتعديل بنود العقد.وكذلك الحال في عقد الأشغال . أمّا في غير العقدين المذكورين لا يجوز مباشرة حق التعديل، إلا إذا تمّ الاتفاق عليها في العقد. والحقيقة أن مثل هذا الرأي من شأنه أن يجرّد الإدارة من أحد أهم مميزات ومظاهر العقد الإداري فطالما تميز العقد الإداري بموضوعه وبعلاقته بالمرفق العام وبخدمة الجمهور وبالمصلحة العامة. وجب أن يتميز بالمقابل بالسلطات الممنوحة للإدارة وعلى رأسها سلطة التعديل. وإلا فإن العقد الإداري سيقترب من العقد المدني وتختفي مظاهره المميزة وتذوب نتيجة لذلك امتيازات السلطة العامة في مجال التعاقد وهو من شأنه أن يؤدي إلى اختفاء الأحكام المميزة للعقد الإداري. وإذا كانت بعض الدراسات قد أشارت إلى أن مجلس الدولة الفرنسي طبق لأول مرة سلطة التعديل بتاريخ 21-02-1910 بمناسبة فصله في قضية ترام مرسيليا. .فإنّ هناك دراسات أخرى أكدت أنّ مجلس الدولة الفرنسي طبق سلطة التعديل لأول مرة بتاريخ 10 جانفي 1902 في قضية (غازدوفيل). ورجوعا للمرسوم الرئاســـي 02-250 وتحديدا للمواد 89 إلى 93 نجدها وردت تحت عنوان الملحق (L’avenant) فأجازت المادة 89 للإدارة المتعاقد إبرام ملاحق وفسرت المادة 90 المقصود بالملحق بأنه" وثيقة تعاقدية تابعة للصفقة ويبرم في جميع الحالات إذا كان هدفه زيادة الخدمات أو تقليلها و/أو تعديل بند أو عدة بنود تعاقدية في الصفقة الأصلية". ومن النص أعلاه نستنتج أن سلطة التعديل تجد أساسها القانوني في التشريع الجزائري في المادة 90 من المرسوم الرئاسي والّتي أجازت للإدارة وفي جميع الصفقات العمومية أن تعدل بندا أو بنود إن بالزيادة أو النقصان.غير أن هذا التعديل مشروطا بما يلي: 1- أن يكون مكتوبا طالما كانت الصفقة الأصلية مكتوبة فعنصر الكتابة أمر لازم في حال ممارسة الإدارة لسلطة التعديل وهذا شرط طبيعي فالتعديل فرع أو جزء من الصفقة وجب أن يخضع لما تخضع له شكلا بتوافر عنصر الكتابة 2- أن لا يؤدي التعديل إلى المساس الجوهري بالصفقة وهذا ما أشارت إليه الفقرة الأخيرة من المادة 90 . وهذا شرط طبيعي ولازم أيضا إذ أن التعديل الجوهري من شأنه أن يجعلنا أمام صفقة جديدة. 3- أن يتعلّق التعديل بالزيادة أو النقصان على أن يراعي فيه السقف المالي المحدّد في المادة 93 من المرسوم الرئاسي المعدلة سنة 2008 وقدره20 % من الصفقة الأصلية بالنسبة إلى الصفقات التي هي من اختصاص لجنة الصفقات التابعة للمصلحة المتعاقدة. و10% من الصفقة الأصلية بالنسبة إلى الصفقات التي هي من اختصاص اللجنتين الوطنيتين للصفقات وفق ما سنبينه في الفصل الخاص بالرقابة. وحتى يبعث المشرع بساطه ومرونة على إجراء أو سلطة التعديل نص في المادة 93 من المرسوم الرئاسي على عدم إخضاع الملحق لفحص هيئات الرقابة القبلية. ومن البديهي القول أن سلطة التعديل تخضع لرقابة القاضي الإداري الذي إذا رفعت الدعوى أمامه من الطرف المعني صاحب المصلحة سعى إلى التأكد من مدى تناسب موضوع التعديل مع مقتضيات حسن سير المرفق العام. والتأكد من مدى علاقته بالصفقة الأصلية وبالحدود المالية المنصوص عنها تشريعا وعلى ضوء ذالك يقدر عما إذا هناك تعسف في ممارسة سلطة التعديل من عدمه. المبحث الثالث: سلطة توقيع الجزاء. تملك الإدارة المتعاقدة باعتبارها سلطة عامة توقيع جزاءات على المتعاقد معها إذا ثبت إهماله أو تقصيره في تنفيذ أحكام العقد، أو عدم مراعاته آجال التنفيذ. ولم يحترم شروط التعاقد أو تنازل عن التنفيذ لشخص آخر وغيرها من صور الإخلال المختلفة. ويعود تأسيس سلطة توقيع الجزاء إلى فكرة تأمين سير المرافق العامة بانتظام واطراد. فهذه الأخيرة تفرض تزويد جهة الإدارة والاعتراف لها في مجال التعاقد بممارسة جملة من السلطات من بينها سلطة توقيع الجزاءات للضغط أكثر على المتعاقد معها وإجباره على احترام شروط العقد والتقيد بالآجال وكيفيات التنفيذ دون حاجة للجوء للقضاء. بل دون حاجة للنص عليها قانونا. ويمكن تصنيف هذه الجزاءات إلى : أولا: جزاءات مالية ثانيا: وسائل الضغط أولا: الجزاءات المالية: تتخذ الجزاءات المالية إما صورة الغرامات أو صورة مصادرة مبالغ الضمان. أ-الغرامات: تملك الإدارة المتعاقدة طبقا للمرسوم الرئاسي ممارسة سلطة الجزاءات المالية. وتجد هذه السلطة أساسها القانوني في المادة 8 من المرسوم الرئاسي والتي جاء فيها:" يمكن أن ينجر عن عدم تنفيذ الالتزامات المتعاقد عليها في الآجال المقررة أو تنفيذها غير المطابق فرض عقوبات مالية دون الإخلال بتطبيق العقوبات المنصوص عليها في التشريع المعمول به. تحدد الأحكام التعاقدية للصفقة نسبة العقوبات وكيفيات فرضها أو الإعفاء منها طبقا لدفتر الشروط...". وهكذا خوّل المشرّع الجزائري بموجب النص أعلاه للإدارة المتعاقدة حق توقيع الجزاءات المالية في شكل غرامة وقيد مجال ممارستها في حالتين بمنطوق النص: 1- في حالة عدم تنفيذ الالتزامات محل التعاقد في الأجل المتفق عليه : لا شك أن الإدارة المتعاقدة عندما تتعاقد تضع بعين الاعتبار عنصر الزمن الذي ينبغي خلاله تنفيذ العقد. حتى يتسنى لها الانتهاء من عملية تعاقدية والدخول في علاقة جديدة.أو تنفيذ جزء أو شطر من البرنامج المسطر والانتقال إلى جزء أخر وهكذا. فلا يمكن من حيث الأصل إغفال عنصر الزمن أو عدم ايلائه الأهمية التي تليق به. والأمر يتعلق بمرفق عام وبخدمات عامة وبمصلحة عامة. ومن هذا المنطق وجب تسليط جزاء مالي على كل متعاقد ثبت إخلاله بالقيد الزمني أو المدة المقررة لتنفيذ العقد. خاصة وأن هذه المدة هي من اقتراح المتعهد أو المتعاقد مع الإدارة.حينما أقبل على إيداع ملف المناقصة و تعهد باحترام المدة المتفق عليها. إنّ المتعاقد مع الإدارة حينما يتعهّد بتنفيذ موضوع العقد خلال مدة زمنية معيّنة متفق عليها في العقد، فإنّ العقد الإداري هنا يقترب مع العقد المدني في المبدأ الذي يحكمه أن " العقد شريعة المتعاقدين". فالمتعاقد مع الإدارة التزم بالتنفيذ خلال مدة ذكرت في العقد ثم أخل بهذا الالتزام. فالوضع الطبيعي أن يخضع لجزاء. وهذا الأخير تسلطه الإدارة دون حاجة للجوء للقضاء.وهو أحد مظاهر ممارسة السلطة العامة. ومظهر تميز للعقد الإداري عن العقد المدني. 2- في حالة التنفيذ الغير مطابق: هنا يفترض أنّ المتعاقد مع الإدارة أخل بالشروط المتفق عليها وكيفيات التنفيذ. فخرج عن الالتزامات الّتي تعهّد بها. فالوضع الطبيعي أيضا في الحالة هو خضوعه لجزاء مالي. وينبغي الإشارة أنّ الجزاء المالي وإن كان مقررا بموجب أحكام المرسوم الرئاسي 02-250 (المادة 8منه). إلا أنّ له أيضا أساس عقدي. ذلك أنّ المادة 8 المذكورة في فقرتها الثانية ورد فيها أن نسبة الجزاء المالي تحدد في الصفقة. وهذا ما أكدته المادة 50 من المرسوم الرئاسي التي أوجبت ذكر نسب العقوبات المالية وكيفيات حسابها وشروط تطبيقها أو النص على حالات الإعفاء منها في الصفقة. ب-مصادرة مبلغ الضمان: لما كان للصفقة العمومية صلة بالخزينة العامة من جهة، وبحسن سير المرفق العام بانتظام واطراد من جهة ثانية، وبالجمهور المنتفع من خدمات المرفق من جهة ثالثة وجب أخذ الاحتياطات اللازمة لتأمين الإدارة والضغط أكثر على المتعاقد معها وجبره على تنفيذ التزاماته في الآجال المتفق عليها وبالشروط والمواصفات والكيفيات الواردة في عقد الصفقة. ولقد أوجب قانون الصفقات العمومية الجزائري في المادة 80 منه (المرسوم الرئاسي02-250) على المصلحة المتعاقدة أن تحرص في كل الحالات على إيجاد الضمانات الضرورية التي تضمن وجودها في وضعية مالية حسنة بما يكفل حسن تنفيذ الصفقة ولا يكون ذلك إلا بفرض ضمانات مالية بعنوان كفالة حسن التنفيذ. وأكدت نصوص المرسوم الرئاسي أن كفالة حسن التنفيذ تخص المتعامل المتعاقد الوطني كما تخص المتعامل المتعاقد الأجنبي إذا لم يدعم عن طريق حكومة دولته وفي هذه الحالة وجب أن يعتمد البنك الأجنبي عن تغطيته لمبلغ كفالة مصرفية من قبل البنك الجزائري المختص. أمّا عن مبلغ الكفالة فحددته المادة 87 من المرسوم الرئاسي بين 5% و10% من مبلغ الصفقة. كما يلزم المتعامل المتعاقد بتقديم كفالة رد التسبيقات المنصوص عنها في المادة 63 من المرسوم وهي كلّها مبالغ يلزم المتعامل المتعاقد بأن يضعها تحت تصرف الإدارة بواسطة بنك لتمارس عن طريقها الجزاء المالي في الإطار الّذي حدده القانون. ثانيا: وسائل الضغط. من وسائل الضغط المكرّسة قضاء والمعتمدة فقها أنّ تعهّد الإدارة المتعاقدة تنفيذ العقد في عقد التوريد مثلا لشخص آخر على حساب المتعامل المتعاقد الذي أخل بالتزامه. وتأسيس ذلك أنّ لموضوع الصفقة صلة وثيقة كما رأينا بفكرة استمرارية المرفق العام وخدمة الجمهور. فلا يمكن التسليم بتوقّف نشاط المرفق، وتأثر حركته ومردوده، بسبب تقصير المتعاقد مع الإدارة، بل ينبغي الاعتراف لها (الإدارة) ولضمان أداء الخدمة وعدم توقفها باللّجوء لشخص آخر تختاره فيزوّدها بالمادة موضوع الصفقة ويتحمّل الطرف المقصر النتائج المالية الناجمة عن هذا التنفيذ. كما لو أخلّ المتعهّد مع إدارة الخدمات الجامعية تزويدها بالمادة محل التعاقد في المدّة الزمنية المتفق عليها في العقد. فللإدارة المعنية حق اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استمرارية المرفق وأداء الخدمة للطلبة. وتملك الإدارة أيضا في عقد الأشغال توقيف الأشغال وسحب العمل من المقاول وإسناده لشخص آخر. وهذا بعد استيفاء جملة من الإجراءات و توافر جملة من الشروط. وهكذا ملكت الإدارة عند تنفيذها لصفقة عمومية وسائل التنفيذ العيني فإن لم يقم المتعامل المتعاقد بالوفاء بما تعهّد به، تحركت جهة الإدارة المعنية ولجأت لأسلوب الضغط على المتعاقد معها وجبره على التقيّد بالتزاماته. غير أنّ هذه السلطة، وبالنظر لخطورتها وآثارها، فإنّ الإدارة لا تلجأ إليها إلا في حالات الإخلال الجسيم بالأحكام التعاقدية وبكيفية تنفيذ موضوع الصفقة. وعادة ما توجه الإدارة قبل ممارستها لهذه السلطة إعذارا ينشر في الصحف لتنذر به الطرف المخل وتمارس بعد إصداره الإجراءات القانونية اللازمة في هذه الحالة . المبحث الرابع: سلطة إنهاء العقد: يستهدف هذا الامتياز أو السلطة المخوّلة للإدارة إنهاء الرابطة التعاقدية وقطع العلاقة بينها وبين المتعامل المتعاقد. ويفترض هنا في هذه الحالة أن يقدم المتعامل المتعاقد على ارتكاب خطأ جسيم يخول للإدارة ممارسة هذه السلطة. فإذا وضعنا بعين الاعتبار أنّ العقد الذي يربط الإدارة بالمتعامل معها هو عقد امتياز. فإنّنا نتصور في هذه الحالة أن يلجأ الملتزم إلى خرق بنود العقد المتعلقة بالرسوم التي يلزم المنتفعون من خدمات المرفق بدفعها، فيبادر إلى رفعها دون علم الإدارة وموافقتها أو يميّز بين المنتفعين اعتمادا على أسس تتعلق بجنس المنتفع أو معتقده. فهذا الفعل من جانبه يخوّل للإدارة فسخ الرابطة العقدية. وقد أطلق مجلس الدولة الفرنسي على هذه الحالة مصطلح إسقاط الالتزام. غير أن سلطة فسخ العقد، وبالنظر لخطورتها وأثارها، فإن الإدارة قبل ممارستها تلزم بإعذار المعني بالأمر، الملتزم مثلا في عقد الامتياز وهذا ما أقره القضاء المقارن. ولقد أحسن المشرّع الجزائري صنعا عندما نص في المادة 99 من المرسوم الرئاسي 02-250 على وجوب توجيه إعذار للمتعامل المتعاقد بهدف الوفاء بالتزاماته خلال مدة معيّنة. كأن نتصوّر أنّنا أمام عقد أشغال عامة وأنّ المتعامل المتعاقد توقف عن الأشغال مدة طويلة بما سينعكس سلبا على مدّة إنجاز العقد وبما سيؤثر على نشاط المرفق. وفي هذه الحالة توجه الإدارة المعنية إعذارا للمعني وتمنحه أجلا للوفاء بما تعهد به. وإن كان المرسوم لم يبيّن شكل الإعذار إلا أنّه في عقد الأشغال العامة بالذّات نجد أنّ الإدارة كثيرا ما تستعمل وسائل الإعلام المكتوبة (الجرائد) لتنبيه المعني قبل ممارسة سلطة الفسخ. وهذا ما تؤكده الإعذارات الكثيرة المنشورة يوميا في الجرائد. وإذا كان العقد المدني هو الآخر وطبقا للمادة 119 من القانون المدني يخول المتعاقد توجيه إعذار في حال عدم الوفاء بالالتزامات العقدية وبذلك يقترب العقد المدني بالصفقة العمومية. إلا أن مظهر تميز الصفقة يظل واضحا. فعدم الوفاء بالالتزامات بعد انتهاء مدة الإعذار يخول للطرف المدني ( في العقد المدني) أحقية اللّجوء للقضاء للمطالبة بالفسخ والتعويض. فالمتعاقد في ظل القانون المدني لا يملك أحقية الفسخ المنفرد بل يلجأ للقاضي. بينما الإدارة مخوّل لها سلطة الفسخ بإرادة منفردة ودون حاجة اللجوء للقضاء. وجاء المرسوم الرئاسي 02-250 موضحا أكثر في المادة 99 منه سلطة الفسخ فنصت على أنها تتم من جانب واحد (إرادة الإدارة لوحدها) ودون حاجة للجوء للقضاء. وهذا مظهرا آخر تميّزت به الصفقات العمومية عن العقود المدنية. هذه الأخيرة التي تأخذ طابع الفسخ القضائي ولا تزوّد أي طرف بممارسة سلطة اتجاه الطرف الآخر. ولم يكتف المرسوم بالإعلان عن الفسخ من جانب واحد، بل نص على عدم قابلية الفسخ للاعتراض إذا لجأت الإدارة إلى تطبيق البنود الواردة في الصفقة. والحكمة الّتي أراد المشرّع تحقيقها هي الاستمرار في فرض الضغوط المعنوية والقانونية على المتعامل المتعاقد حتى يتقيّد أكثر بالالتزامات التعاقدية بما يضمن حقوق الإدارة ويكرس مبدأ حسن سير المرافق العامة بانتظام وإطراد . ويكفل حقوق الجمهور المنتفع من خدمات المرفق العام. وإلى جانب الفسخ الأحادي (من جانب واحد) أجازت المادة 100 من المرسوم اللّجوء للفسخ التعاقدي حسب الشروط المدرجة في الصفقة. وهنا تقترب الصفقة من العقد المدني. الّذي يخوّل أطرافه أحقية الفسخ التعاقدي طبقا للمادة 120من القانون المدني.